…. / الكاتب : باروخ سبينوزا (1632 – 1677 م.)
(- هل تؤمن بالله ؟..
كان اينشتاين يجيب دوما عن هذا السؤال بالقول: أؤمن بإله سبينوزا)
هذا المقال يعرف بهذا الإله، كما جاء في كتاب ” في علم الأخلاق” الذي ألفه هذا المفكر الهولندي.
———————————
” لا أعرف إن كان الله فعلا قد تكلم ، لكنه إن فعل ، فقد يكون قوله لكل مؤمن هو كالآتي :
توقف عن الصلاة و عن ضرب صدرك. اريدك ان تخرج الى العالم وان تتمتع بالحياة ؛ ان تغني وتعمل لتستمتع بكل ما قمت به من اجلك.
توقف عن الذهاب الى تلك المعابد المظلمة والباردة التي قمت ببنائها وقلت عنها انها مسكني !
مسكني في الجبال والاشجار والوديان والبحيرات والانهار؛ هناك حيث اعيش معكم واعبر عن حبي لكم.
توقف عن اتهامي بالمسؤولية عن فقرك؛ لم اقل لك ابدا ان هناك شيئا ما شريرا بداخلك. ولم يسبق لي ان قلت لك انك ارتكبت الخطيئة، وان ممارستك الجنسية او ان فرحك يشكل عملا قبيحا !
اذن لا توبخني على كل ما قيل لك ان تؤمن به.
توقف عن ترديد القراءات المقدسة التي لا علاقة لي بها. إن لم تتمكن من قراءتي في الفجر، في منظر طبيعي، في نظرة صديق، في زوجتكَ أو في زوجكِ، في نظرة طفلك.. .. فلن تجدني في اي كتاب !
توقف عن الخوف مني فلن احاكمك ولن انتقدك. انا لا اغضب ولا اعاقب. انا الحب الخالص؛ ملأت قلبك بالانفعالات، بالرغبات، بالاحاسيس والكثير من الحاجيات غير المنسجمة . وفي الوقت نفسه منحتك الارادة الحرة. فكيف يمكن لي ان اوبخك حين تستجيب لما وضعته انا فيك؟.. كيف يمكن لي ان اعاقبك وأنت على هذا الحال الذي جعلتك عليه؟
هل تفكر بشكل حقيقي وواقعي انه يمكن لي ان اخلق مكانا لأحرق فيه إلى الأبد كل ابنائي الذين يتصرفون بشكل قبيح؟ اي نوع من الالهة هذا القادر على أن يقوم بذلك؟
احترم المختلف و لا تفعل ما لا تريده لنفسك. كل ما اطلبه منك هو ان تنتبه لحياتك، وأن تكون ارادتك الحرة هي موجهك.
انت تشكل مع الطبيعة عنصرا واحدا فلا تعتقد ان لك سلطة عليها، انت جزء منها اعتني بها وستعتني بك.
لقد وضعت فيك كل ما هو خير لك و جعلته في متناولك، كما اني جعلت من الصعب الوصول الى ما ليس كذلك؛ فلا توظف عبقريتك فيما تعتقد إنه سيء فيها لأجل الحفاظ على توازنها لصالحك. عليك بالحفاظ على هذا التوازن متماسكا، فالطبيعة نفسها تعرف جيدا الحفاظ عليه، فقط ينبغي عليك عدم ازعاجها !
لقد جعلتك حرا بشكل مطلق؛ انت حر في ان تخلق من حياتك جنة او جحيما.
لا استطيع ان اقول لك إن كان هناك شيء ما بعد هذه الحياة؛ لكن استطيع ان اعطيك نصيحة :
توقف عن الايمان بي بهذا الشكل فأن تؤمن هو ان تفترض ان تتخيل وان تتكهن. لا اريدك ان تؤمن بي، اريدك ان تحس بي في ذاتك حين تهتم بالحيوانات، وحين تحتضن طفلك الصغير.
عبر عن فرحك و تعود على أن تاخد فقط ما تحتاجه.. إن الشيء الوحيد اليقيني هو انك هنا وانك حي وان هذا العالم مليء بالعجائب التي بامكانك ان تتعرف، وبشكل حقيقي، على ما تحتاجه فيها. لا تبحث عني بعيدا عنك، فلن تجدني هناك. أنا هنا في الطبيعة، الكون هو انا.