…. / الكاتبة : ميرا جميل
ما أقرأه من طروحات الداعية الدكتور زغلول النجار ، خاصة ما يدور على صفحات “عرب واتا” من حوار حول طروحاته “العلمية “، يبرز كم نحن في قاع الركب الانساني في التقدم العلمي والاجتماعي ، وكم نحن في قمة المجتمعات البشرية في الثرثرة ” العلمية ” ومصادرها التي “نملكها” ، ولكن يغيب السؤال المنطقي المفترض ، كيف نضيف لثرثرتنا شيء من القطران بحيث نصبح أصحاب مجتمعات علمية ومؤسسات بحثية ومنتجي علوم وتكنلوجيات ، ومجتمعات لا تعاني من الأمية المرتفعة ، ومن البطالة والفقر والجوع لرغيف الخبز اذا كنا حقا نؤمن أن العلوم مصدرها قرآننا الكريم ؟ لماذا يسبقنا الغرب الى “علومنا ” ويصدرها لنا ، ولا نملك حتى نشر ثرثرتنا حول ” علومنا ” الا بوسائل أنتجتها الحضارة الغربية ؟
اذا كان مفهوم الشعوب العربية للتكنلوجيا والتقدم الحضاري هو ما يبشرنا بة الداعية الدكتور زغلول النجار فالويل لنا من المستقبل، والويل لنا من ان نتحول الى مماسح للشعوب ، حتى التي تبدو اليوم أشد تخلفا من شعوبنا.ان ما يطرحه زغلول النجار من فكر ، لا يتعدى حديث الشارع البدائي وشبه الأمي ، وربما من الصعب قبولك يا دكتور مؤذنا في جامع ..لا يكفي انه يحفظ ، الببغاء أيضا تحفظ جملا وترددها . والأطفال يتعلمون الحديث ويستعملون الكلمات دون فهم أحيانا لمعانيها .
ماذا يختلف زغلول عن شيوخ فتاوي ارضاع الكبير وقتل الميكي ماوس والحجاب بعين واحدة ؟
انا امرأة في العقد الثالث ، ولي من الثقافة والمعرفة ما يجعلني قادرة على التفكير وعدم الانجرار وراء العواطف الخادعة . مشكلتنا اننا مجتمعات متخلفة تبحث عن مساحة ضمن المجتمعات المتقدمة والمنتجة للعلوم. وللأسف “علومنا “لا تتجاوز هرطقات زغلول النجار وأمثاله من “علماء الأمة ” .
لا تخلطوا بين الدين والايمان وقضايا العلوم والتطور … حتى الامام محمد عبدة حذر في وقته من هذا الغباء المستشري اليوم وأوضح أن القرآن يشمل كل ما يخص امور الدين وليس أمور الدنيا ، فهل ستكفرونه ؟!
تتحدثون عن الاعجاز العلمي بنفس العقلية الكنسية من القرون الوسطى …في النهاية سقط الفكر الكنسي ، واعترف الفاتيكان قبل فترة قصيرة ، حتى بصحة نظرية دارون عن أصل الانسان .هذا هو عالمنا الذي نعيش به ، بلا رتوش تحافظ على مصالح طبقية وقبلية تخنق شعوبنا العربية وتمنع رقيها الحضاري في عالم لم يعد لنا فيه من المنجزات الا انتاج التخلف والفقر والأمية وادعاء مبكي مضحك عن “اعجاز علمي” اكتشفناه بعد أن استنفذ خلاصة قيمته في الغرب.. وما زلنا عاجزين على جعلة الية لتطوير مجتمعاتنا .
تعالوا نفحص واقعنا .. اليس واقعنا حالة من الاعجاز الانساني في التخلف ؟ كيف ونحن نتفاخر بأننا أصحاب أفضل اعجاز علمي ؟
ما زلنا نستعمل انتاج الغرب الحضاري في كل ما يخصنا ويلزمنا في حياتنا ، من وسائل مواصلات ، ونشر وطباعة واتصالات وأجهزة وتجهيزات صناعية ( حتى لاستخراج نفطنا ) حتى ملا بسنا الاسلامية والشرعية تنتج في “الغرب الكافر”.. حتى مسابحنا صنعت في تايوان والهند، وأحذيتنا في الصين وسياراتنا من اليابان واوروبا وأمريكا .. واذا مرض رئيس عربي لا يتعالج في وطنه بسبب التخلف العلمي في الطب بل يذهب الى أمريكا أو اوروبا ، أو اسرائيل ( كما يفعل شيوخ وامراء الخليج العربي ، حيث يصلون مستشفى ايلات ، ام الرشراش العربية التي ضاعت مع سائر فلسطين .. ) واذا مرض المواطن لا ينفعه اعجاز دينه العلمي ولا يجد الا القبر علاجا لأمراضه !!
لا أقول هذا بسخرية ، بل بألم .. لدينا “اعجاز علمي” حقا ؟! … هل هناك إعجاز علمي دون أبحاث علمية!؟…تقول احصائيات عالمية إن اسرائيل توظف 15 مرة أكثر من كل العالم العربي في الابحاث العلمية ، هل هذا بسبب الاعجاز العلمي في القرآن ، الذي يجعلنا بغير حاجة لأبحاث علمية في جامعاتنا ، لأننا نملك العلوم كلها في القرآن ، ونظن اننا السباقون والمتفوقون ؟؟ هل هكذا يقاس التقدم العلمي والحضاري ، أم بالعمل الملموس ، وانعكاسه على الواقع العربي في العلوم والتعليم والرقي الاجتماعي والاقتصادي والتكنلوجي ومستوى الخدمات الطبية والاجتماعية والتأمينات التي تقدمها الدولة لمواطنيها!؟
الحذار الحذار من هذه العقليات على مستقبلنا وعلى ديننا !!