الكانب : بوعلام الجزائري
إثر حوادث مختلفة، جمعت غرفة واحدة في جهنم ثلاثة أشخاص من جنسيات مختلفة؛ أمريكي كان يعمل في فرع للـ”سي أي إي” خاص بتجنيد الأصوليين لبث الفوضى والدمار في مختلف دول العالم. وبريطاني كان مديرا لمصرف اختص بتبييض أموال الحكام العرب وحاشيتهم من لصوص المافيات. وجزائري قتل زوجته ثم انتحر إثر نوبة غضب انتابته حين طلبت منه شراء أحذية للأولاد بدل تلك المهترئة التي مضى عليها عدة سنوات.
بعد بضعة أشهر، اراد الامريكي أن يعرف الجديد عن انجازات رفاقه في الـ”سي أي إي” ، وهل انتهوا من تحضير بديل عن بن لادن ؟.. فطلب من الشيطان الإذن بإجراء مخايرة هاتفية مع أحد رفاقه الأحياء في أمريكا.
ذكره الشيطان بأن أجور المخابرات الكونية مرتفعة جدا. هز الأمريكي كتفيه دون ميالاة، وتناول منه السماعة. وبعد مخابرة استمرت ثلاث دقائق نظر في فاتورة المكالمة باستهزاء ووقع للشيطان دون تردد شيكا بمبلع ثلاثة ’لاف دولار.
خطر للبريطاني أن يسأل زوجته عن مصير بعض العمولات التي استحقت له وكان ينتظر وصولها قبل وفاته. فطلب بدوره مخابرة مع لندن … وعند انتهائها بعد أربع دقائق أسرع بدفع الفاتورة التي بلغت 4 آلاف جنيه استرليني .
تردد الجزائري في طلب مخابرة مع بلده بسبب عدم قدرته على دفع مثل هذه المبالغ الكبيرة .. لكنه لم يلبث أن طلب من الشيطان أذنا بالكلام قائلا في ذات نفسه أن الغرامة لن تكون أسوأ مما هو عليه الحال في جهنم.. تناول السماعة وطلب رقما عشوائيا في الجزائر وراح يسأل عن أحوال البلاد: هل القوة الشرائية لا تزال منخفضة ؟.. وهل الأمراض لا تزال تقتل المزيد الضحايا؟.. هل السلطة هي نفسها دائما؟.. هل الطرق دوما كارثية ؟.. هل اللصوص يكسبون مزيدا من الحرية في سرقة الدولة والشعب؟.. ألا تزال البيروقراطية تخنق المواطنين ؟.. هل معدل البطالة في ارتفاع ؟.. وماذا عن الشباب ؟ هل لا يزالون يسندون الحيطان ساعات طوال تحت الشمس اللاهبة ؟.. هل المسكن لا يزال حلما عند المواطن ؟.. هل عاد الشهداء ليثوروا من جديد؟…. وهل ؟.. وهل ؟..
أخيرا.. وبعد ثلاث ساعات انتهت المكالمة . وضع الجزائري السماعة من يده، ونظر إلى الشيطان متوجسا، وسأله وهو يتلعثم عن سعر المكالمة.
نظر الشيطان في ساعته ثم في قائمة الأسعار. قال بهدوء: أوه!.. ثلاث ساعات!.. عليك أن تدفع ثلاثة دنانير! ….
شلت المفاجأة لسان الجزائري، نظر إلى الشيطان وهو غير مصدق وراح يردد: ولكن الأمريكي! .. البريطاني! … كيف؟.. كيف يحدث ذلك؟ .. هل تسخر مني أيها الشيطان ؟..
واشتد به الغضب وصعدت الدماء إلى رأسه فقد جرحت كبرياؤه (النيف). فرفع يده كي يصفع الشيطان الذي أهانه لأنه فقير.
أمسك الشيطان بيده المرفوعة، وقال مبتسما: هوّن عليك يا صاحبي.. ألا تعلم أن المكالمة من الجحيم الى الجحيم هي مكالمة محلية؟